في الوقت الحالي، تُشير الاحتمالات إلى أنك اعتدت العمل مع فريق عن بُعد – ولكن كيف ستتمكّن من القيادة عندما يتمكّن جميع زملائك من العمل من أيّ مكان، ومع إمكانية أن يُصبح العمل من المكتب لا يختلف عن العمل من المنزل كليًا؟ تُشاركنا الاختصاصية النفسية المعتمدة، الدكتورة تامي لوبيتش وايت نصيحتها حول المهارات التي يحتاج إليها قادة الأعمال في الوقت الحالي
ما الفرق بين قيادة فريق متمركز وقيادة فريق يعمل من أيّ مكان؟
من المهم استيعاب مدى أهمية “الشعور بالانتماء” في تحفيز الموظف ورغبته في بذّل قصارى جهده. حينما اعتاد الجميع الحضور إلى المكتب نفسه في الصباح، ساهم هذا في حدوث تبادل بسيط ومشترك للخبرات نتيجة تواجدهم في المكان نفسه – مثل ارتقائهم المصعد برفقة بعضهم، أو تحضير القهوة في المطبخ أو تبادل الأحاديث الجانبية في قاعة الاجتماعات قبل بدء الاجتماع. والآن مع زيادة قدرة الأشخاص على (العمل من أيّ مكان)، اختفت جميع أشكال تبادل تلك الخبرات المشتركة – وهو الأمر الذي خلق تحديًا أمام القادة الذين يرغبون في تعزيز فريق مترابط.
أصبح القادة يتمتعون بقدرة أقل على التحكم في البيئة التي يعمل بها موظفوهم وغالبًا ما يقفون عاجزين أمام القيود المتعلقة بالنطاق الترددي والمشكلات التقنية الأخرى. وعادةً ما يتطلب الأمر تحديد نطاقات زمنية مختلفة لاستيعاب الموظفين. وهناك أيضًا خطر يتمثّل في النظام المزدوج، إذ يكون في إمكان أولئك الذين يعملون من المكتب الاطلاع على المعلومات أو المزايا (بصورة غير مقصودة في العادة) التي لا تتوفر لزملائهم الذين يواصلون العمل من المنزل.
تتطلب إدارة فريق يعمل من أيّ مكان خلق ثقافة جديدة لمكان العمل، يكون أساسها بناء الثقة وفهم أساليب التواصل بشكل أعمق. ففي “العالم القديم”، كان فهم الأساليب التي يتواصل بها الآخرون ويترابطون بها تُشكّل ميزة – أما اليوم، وفي هذا العالم الافتراضي، بات الأمر ضروريًا.
كيف يمكن للقادة التأكد من أن الموظفين الذين يعملون في المكاتب البعيدة يشعرون بأنهم جزءًا من الفريق؟
تتمثّل القيادة المختلطة في القدرة على إشعار الجميع بأنهم يشكلون جزءًا من الفريق – بصرف النظر عن المكان الذي يعملون منه. قد يعمل زميلك عبر الإنترنت بينما تتواجد أنت في المكتب، أو العكس – إذ تتلخص وظيفتك كقائد في مواءمة الطريقة التي تتواصل بها معهم بناءً على الحالة الراهنة.
ولمساعدتك في القيام بهذا، من المفيد فهم “أنواع التواصل” المختلفة مع الأشخاص الذين تعمل معهم. إذ من شأن معرفة أسلوب عمل زميلك (ما يُحفزه وما يُثبط من عزيمته) أن يساعدك في التواصل معه بصورة أفضل.
على سبيل المثال، إذا كان أسلوب تواصل الشخص هو “التركيز على الأهداف”، فمن الأفضل التواصل معه بصورة موجزة والدخول في صلب الموضوع. وعلى الجانب الآخر، إذا كان أسلوب تواصل الشخص هو “التركيز على الأشخاص”، فعليك أن تقضي بعض الوقت في التحدث معه في أمور غير رسمية. وإذا كان أسلوب تواصل الشخص يتمركز حول الحصول على البيانات، فمن واجبك كقائد أن توفر له أكبر قدر من المعلومات المرجعية طوال المدة التي ينعقد فيها الاجتماع. أما إذا كان الشخص مبتكرًا، يمكنك أن تقترح عليه أن يستهل الاجتماع أو أن يُضيف خاتمة إبداعية في نهايته.
ولكن بصرف النظر عن الأسلوب الذي يتواصل به الفرد، من الجيد دائمًا التحدث مع فريقك بانتظام وسؤالهم عن شعورهم حيال الأمر. من الجيد أن تطرح هذا السؤال” “كيف يمكنني أن أدعمك؟” وأن تستمع إلى الإجابة وتحاول اتباعها ببعض المساعدة العملية.
كيف يمكن للقادة المحافظة على تواجدهم المؤثر عن بُعد؟
يحتاج القادة اليوم إلى تطوير “جاذبيتهم الافتراضية” – وهي شيء يمكن تحقيقه عن طريق التحلي بالصراحة والمصداقية. إذ تقع على عاتق القادة مسؤولية خلق بيئة آمنة (سواءٌ أكانت افتراضية أو في المكتب) لا يشعر فيها المرء بالخوف من التعبير عن ضعفه، أو التحدث عن التحديات التي تواجهه بصراحة والاعتراف بإخطائه. في بعض الأحيان، قد يكون من المهم أن تُبادر أنت بالقيام بذلك.
بالنسبة إلى تحسين “حضورك” التكنولوجي، ينبغي على القائد وضع النقاط التالية في حسبانه عند إجراء مكالمة الفيديو التالية: التواجد في مكان جيد الإضاءة، وتقليص مساحة الرأس حتى تشغل معظم أجزاء الشاشة، ووضع الديكور الموجود خلفك في الحسبان، والتحدث ببطء لاستيعاب الفارق الزمني.
ما الذي يجب أن يعرفه القادة حول استضافة اجتماعات مختلطة تتمتع بالفعالية؟
أن الهدف يتمثل في جعل الجميع يشعرون بأنهم موضع اهتمام، وتقدير وأنهم “مسموعين” سواءٌ أكانوا متواجدين في المكتب أو عبر الإنترنت. جرّب بدء اجتماعك بالتعرّف على كل فرد وسؤال المشاركين عن البلدان التي يعيشون فيها وعن فارق التوقيت الزمني لديهم. عند التحدّث، تأكد من ترك بعض الوقت في نهاية كل فقرة، حتى يتسنى للأشخاص طرح الأسئلة.
قد يساعد أيضًا وجود أجندة واضحة، والتي ستتيح للأشخاص المشاركين عبر الإنترنت التمتع بالوقت نفسه للتعبير عن أنفسهم. خصص وقتًا غير رسمي للتواصل أو التحدث في بداية المكالمة أو عند نهايتها.
كيف يمكن للقادة الأداء بصورة أفضل عند التواصل الافتراضي؟
لطالما كانت القدرة على التواصل مهارة قيادية مهمة، ولكنها باتت أكثير أهمية الآن من أيّ وقت آخر. ويشمل هذا أن تكون واضحًا أكثر من المعتاد بشأن الأدوار والمسؤوليات، وأن تكون متاحًا بصورة أكبر لفريقك وأن تطلب منهم إبداء ملاحظات مستمرة وصريحة.
قدّر جميع أشكال التواصل: لا تتجاهل المكالمات الهاتفية، وتغلّب على الرغبة في القيام بمهام متعددة أثناء التحدث إلى أحد الأشخاص، ولا تملّ من المناقشات الحادة.
لتحقيق تواصل فعال في جميع أرجاء المنظمة، أوصي أيضًا بإنشاء نظام الأصدقاء بالإضافة إلى الاجتماعات “المفتوحة” الكبيرة والمنتظمة التي تُعقد في الشركة. من خلال جمع الزملاء وحثهم على التحدث، يمكنك تسهيل شعورهم بالانتماء وتوفير مساحة آمنة للأشخاص يستطيعون فيها تلقي الدعم من بعضهم.
شاركت الدكتورة تامي لوبيتش وايت في تأليف كتاب التواصل: حلّ النزاعات، وتحسين التواصل، وتقوية العلاقات (وهو أحد إصدارات صحيفة Financial Times)